طعم الحياة في اعراسنا بين الماضي والحاضر

person محي الدين فقة
Story Image
طعم الحياة في اعراسنا بين الماضي والحاضر
المالكية (ديركا حمكو) مدينة كباقي المدن غنية بتراثها وفلكلورها ولاي شخص عاش فترة السبعينيات وما قبلها يتذكر افراح المنطقة وعاداتها .اعراس المنطقة كانت تدوم ثلاثة ايام وليلتين الاربعاء بعد الظهر ويوم الخميس وصباح الجمعة حتى اذان الظهر او حتى اكتمال الغداء . يوم الاربعاء يتم استدعاء المدعويين القريبين من اهل العريس ويبدأ الحفل بمطرب (كما نسميه الان الفنان) و كان المنطقة الشرقية والشمالية وحتى الغربية من المالكية لها فنانوها الكبار بالطبل والمزمار(داهول وزرنه) امثال (رحمة الله عليهم جميعا امواتا منهم واحياء) متولي , اصلان ,يوسف علي خرا,مجيد.احمد اصلان,زكو .هولاء اسماء لايمكن ان ننساهم في تاريخنا ويجب ان يكون لهم ابحاث خاصة لكل شخص منهم الذين قدموا الكثير والكثير لخدمة هذا الفلكلور العظيم والذين حافظوا عليه اغنية وعادات وعبدو علانة الذي انفرد بفن(الجمبش) والوحيد على ما اتذكر في تلك الفترة وتابع في حينه يوسف علي خرا ببعض الاحيان (سنذكر تاريخ هولاء بحلقات قادمة ان شاء الله) نعود لاعراسنا ,ففي يوم الاربعاء يتم تجهيز بعض الفتيات مع شخصين من كبار السن وبحوزتهم بعض ادوات التجميل وبسيارة واحدة فقط للذهاب الى بيت العروس وهناك يتم تجهيزها وبأغاني فلكلورية مع فتيات اهل العروس كانوا يسمون هذه الخطوة ب_ (بربيدي)ومن اشهر اغاني (البربيدي) نارينكة وهي (رابن نارينكه بخملينن هوي نارة ,رابن دلاله بخملينن هوي دلاله) وفي اليوم التالي أي يوم الخميس يبدأ الحفلة من الصباح حتى الظهر تقريبا في هذه الاثناء يكون جميع المدعويين قد اتوا وذلك لوليمة الغداء هنا يبدأ الخطوة التالية من العرس وهي (الخيلي) عبارة عن تجهيز اكبر عدد من السيارات(حسب بيت العريس) وتشكيل القافلة من الشباب والبنات وبالزي الاجمل ما لديهم وبصحبة المطرب(الطبل والمزمار)والذهاب الى بيت العروس وايضا بأغاني فلكلورية خاصة لها منها(زافا زافانه هوي لاو زافا زافانه,هي نيري نيري نيري لو ويلو هي نيري نيري نيري له ويله,كوندكة لكفيا خته هي له ويله ويله ويله كوندكة لكفيا خته هي لو ويلو ويلو ويلو) عند وصل (الخيلي)الى بيت العروس كانت جاهزة مع (البربيدي) وعند محاولة خروجها من غرفتها كان خالها او اولاد خالها لهم بالمرصاد فلايمكن ان تخرج من بيت ابيها الا ان يدفع اهل العريس (الخالاني) وهي عبارة عن مبلغ من المال او احيانا مسدس للذي وقف وراء باب غرفة العروس ويتم ذلك ويبدأ رحلة العودة الى بيت العريس الذي بدوره كان يقف على السطح وعلى شرفة مدخل الغرفة(سفانده)مع شخصين من اعز اصدقائه او اقربائه يسمونه(برا زافا) وهم الذين يقومون بحمايته وتجهيزه ونصحه ومجموعة من رفاقه وعند وصول العروس الى بيتها الجديد وبالوقت التي كانت تنزل من السيارة ودخولها الى البيت كان العريس يرمي ببعض السكاكر المخبئ داخل جرة(جرك) مع بعض النقود للاولاد وكان يضرب بسفل قندرته حافة السطح(سفاندة) لينزل بعض من التراب على راس عروسته على ان العريس من الان وصاعدا هو الامر والناهي لهذه الفتاة . في هذا الاثناء كان لشبان القريه لهم نهفاتهم فمن يستطيع سرقة احدى المخدات لهو جائزة وخلال هذه الفترة يكون الطبل والمذمار ينعشان الحضور وهنا ينتهي ويبدأ فترة الغداء .بعد الغداء مرحلة تجهيز العريس فيضعونه على كرسي وفي ظل احد الاشجار او الجدران ويبدأ بقص شعره ولحيته والشباب والفتيات يرقصن من حوله حاملين طقمه وقندرته الملفوفتين بقطعة قماش يسمونها(بخجك) وعند الانتهاء من الحلاقة يذهبون بالكامل الى احد بيوت القرية للاستحمام او الى نهر قريب من القرية وهنا يبدا(برا زافا) بتجهيزه وتلبيسه لباس العرس وبعد الانتهاء يعودون الى بيت العريس ويبدا الحفل من جديد وبحلقات كبيرة يتوسطهم المطربون ويكتمل الى المساء في هذه الفترة يحدث شي جديد من العادات وهو محاولة سرقة قندرة العريس فاذا تم ذلك يكون للسارق فدية (بعض من النقود) لقاء استرجاها .مرحلة الحفلة في المساء وكالعادة يبدا الدبكة الكردية بشتى اصنافها (تليا,ملا) وبحلقة حول الضوء(اللوكس)الموزع في ساحة الدبكة. ويتخلل الحفل طلقات المسدسات والجفت والرشاشات ابتهاجا وفرحا حتى ساعات متاخرة من الليل وفجاة كنت تسمع بعض الطلقات من ناحية غرفة العروس كدليل على ان العريس دخل خلوته مع عروسته وانه اي نوع من الرجال ,فكان يتوقف نوع رجولته حسب الوقت الذي ظل مع عروسته .وعندها كانت تشتد الحفلة وبالاخص عند عودة العريس ودخوله مع (برازافا) الى الدبكة ابتهاجا وفرحا و مرفوع الراس .وينتهي الحفل بالساعات المتاخرة من الليل بدكات (سوراني,سغجانه,باكيه....) وفي اليوم التالي أي يوم الجمعه كان المطرب يبدأ الحفل قبل الفطور حتى يتم تجهيزه وبعد الفطور يبدأ الدبكات وكانوا يسمونه(دستكه سر سبييه) ,كانوا بالاول يضعون قطعة قماش(شربه) على الارض وامام العريس ومرافقيه وكل مدعوا حسب امكانياته يتبرع لاهل العريس والمسماة (سرسبيي) كمساعدة للمصروف الذي قدمه لتزويج ابنه وحوالي الظهر ومع صلاة الجماعة كانت تنتهي العرس بغداء لكل المدعويين مع كامل اهل القرية ويبدأ المدعوون بالذهاب الى قراهم واهل القرية يساعدون اهل العريس بلملمة العدة والتنظيف.اتذكر كان من بين بعض المدعووين الى العرس كانوا يجلبون معهم الغنم او الخاروف او الجدي او اكياس الرز او السكر او الشاي كمساعدة لاهل العريس لتخفيف مصاريف العرس بأيامه الثلاثة .هنا لابد من ذكر شي هام كانت تتم في الاعراس وخاصة ليلة الخميس على الجمعة وهي مسرحيات فكاهية وتمثيليات من اشخاص اذكياء في هذا الفن منهم المرحوم علي سعدونا من قرية (تله لون) تل الشمس كان بارعا في فن التمثيل اتذكر مرة دهن وجهه بالشحوار وركب عصا على انها خيل وبدأ ينط هنا وهناك وينهق بصوت الحصان واجتمع حوله كثيرون مثله و ركضوا خلفه للامساك به فأنقلب العرس الى مسرحية بدون نص ومخرج وكاتب ولعب لعبة (كرتن او بردان) وظل هذا الشخص حتى الان يتردد على السن اهل المنطقة.هذه اعراسنا في الماضي فقارنها بنفسك مع الحاضر ان كنت من القديم سياتيك الحسرة وراء الحسرة (هي هه دنيا) وان كنت من الجديد فكم صعب (هو هو دنيا) عليك حتى تفهم طعم الحياة